كتبت - أندريانا جرجس عيد

 

هل كنت تشعر يوما ما أنه من الممكن أن تكون شاهدًا علي حدث قد تخطي عمره ال 100 سنه ؟

شعور غريب قد يتملكك عند السير في وسط ضحايا الحرب العالمية الأولى و الثانية فقد تشعر انك حاضرًا غائبًا، حاضرا لأنك متواجد حول من شارك في الحرب العالمية الأولى و الثانية، وغائبًا لانك لم تكن متواجدًا خلال أحداث الحرب العالمية الأولى و الثانية بالكاد تكون قرأت ماذا حدث فقط

 

مقابر الكومنولث هي مقابر أقيمت تخليدًا لذكري ضحايا الحرب العالمية الأولى و الثانية والتي تشرف عليها هيئة الكومنولث التي انشأت بموجب الميثاق الملكي البريطاني الذي أصدر عام ١٩١٧ لتخليد ذكري ضحايا الحروب، الذين بلغ عددهم نحو مليون و700 ألف رجل وامرأة ينتمون لقوات الكومنولث الذين قتلوا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية

هيئة الكومنولث هي منظمة غير ربحية اسسها السير “فابيان وار” و تشرف الهيئة علي نحو 23 الف موقع و تنتشر في 150 دولة و يوجد 16 مقبرة منتشرة في مصر فيقع حظ الإسكندرية في 3 مقابر، المقبره الأولي بمنطقة الحضرة، لضحايا من الحرب العالمية الأولى والثانية، والأخرى بطريق الشاطبي، لضحايا الحربين، أما الثالثة فتقع بشارع المنارة، وتضم ضحايا من الحرب العالمية الأولي فقط. وتخصص الهيئة مبالغ سنوية للإنفاق على تجميل وتطوير حدائق المقابر، فقد اتخذت جميع المقابر ذات التصميم المعماري فيوجد علي كل مقبره اسم الجندي و وحدته العسكرية بشكل منظم فكانوا لا يسعون للتفرقه بين الجنود حسب رتبتهم كما يوجد تاريخ الوفاه و عمر المتوفي و عمله غير العسكري ونبذة عن اسرته

سنتناول مقبره الكومنولث الواقعه في الشاطبي

كانت الإسكندرية هي مستشفى الحرب العالمية الأولى بالبحر الأبيض المتوسط

وأصبحت الاسكندرية ايضا أكبر قاعدة عسكرية للأسطول البريطانى فى البحر المتوسط، وتعرضت لغارات الإيطاليين والألمان نظرا لموقعها الاستراتيجى، وذهب ضحية هذه الغارات عدد من الجنود الكومنولث

وكما هو مكتوب علي اللوحة النحاسية بجوار مدخل المقبرة فأن مصر هي الجسر الارضي بين افريقيا و اسيا وعبر قناة السويس همزة الوصل بين الشرق و الغرب، كانت قاعدة هامة للكومنولث في الحربين العالميتين، وفي اعقاب هجوم غير ناجح تعرضت له مصر في الحرب العالمية الأولى من قبل القوات التركية من جهة الشرق اصبحت قاعدة الانطلاق التي منها تمت مساندة الغزو اللاحق لسيناء ، فلسطين ، لبنان ، سوريا

وفي الحرب العالمية، الثانية كان التهديد قادمًا من جهة الغرب ولم يتم القضاء عليه حتي اكتوبر 1942 حين تحقق النصر في معركة العلمين وأدي ذلك الي الاجلاء النهائي للقوات الالمانية و الايطالية عن شمال افريقيا

و بالاضافه الي هاتين الحملتين الكبيرتين فقد تم الاعداد من مصر لقوات الكومنولث انطلاقا لحملتهم المرسلة الي جاليبولي أبان الحرب الأولى ثم الي شمال اثيوبيا و اليونان و المشرق في الحرب العالمية الثانية

فقامت دول الكومنولث (الدول الناطقة باللغة الإنجليزية) بالتعاون مع الحكومة المصرية لانشاء مستفشيات و قواعد طبية يتم تحويل ضحايا القتال اليها عقب اجلائهم عن ارض القتال، هذه المستشفيات كانت تتبعها مقابر حرب و غيرها من الاماكن المعده للدفن والتي تضم معا اكثر من 16.000 جندي تم التعرف اليهم

و اكثر من 22.000 شهيد لحرب الصحراء تم دفنهم او تخليد ذكراهم بنقش اسمائهم علي النصب التذكارية في مقابر الحربين

وتضم المقبرة  2817 قبرا ، 2291 من الحرب الاولي و 526 من الحرب العالمية الثانية . فضحايا تلك المقابر من جنسيات مختلفه فمنهم من هو بريطاني ، كندي ، استرالي ، نيوزيلندي ، نيوفاوندلندي  ، هندي ، روسي ، جنوب افريقي ، مالطي ، بولندي ، يوغلاسي و هندي غربي بريطاني

و تنقسم المقبرة الي عده اجزاء 

و يتكون الجزء الاول عندما تدخل من مدخل المقبره تري قبور بعض الملوك  أو ما يسمي بالجزء الملكي

و يتواجد بالجزء الثاني ضحايا الحرب العالمية الثانية وتستمر الي حين مواجهه الصليب

و الجزء الاخير يتكون من ضحايا الحرب العالمية الاولي و بعض القبور مجهولة الهوية لم يستطيعوا التعرف علي هوية الجنود بعد

يذكر ان اخر عملية دفن حدثت منذ 10 سنوات حيث وجد بعض جثامين ضحايا الحرب غارقين في البحار و قد تم دفنهم جمعيا سويا.

كما تظل هذه المقابر واقعة تحت إشراف هيئة الكومنولث لمقابر الحرب، وأن مقابر الشاطبي طبقاً لسجلاتها تحتوي علي أكبر عدد للجنود مقارنة ببقية المقابر، وقد تم بناء مقبرة الحضرة بعد أن تيقنوا أن مقبرة الشاطبي لن تكون كافية لاستيعاب الضحايا

​